الكيمياء ومستحضرات التجميل
بعد أن تنتهي من وضع المكياج الخاص بكِ في كل يوم، تسألي نفسك، هل أحمر الشفاه هذا يناسب مظهري؟ أي الألوان أفضل؟ الأحمر أم البرونزي؟ تبدو الشمس ساطعة بالخارج، لابد من وضع كريم الحماية من الشمس ولكن، هل سألتي نفسك ما هذه الأشياء التي تضعينها على وجهك كل يوم؟ مما يتكون سائل الاستحمام هذا؟ وهل له آثار جانبية على المدى القريب أو البعيد؟
حسنًا؛ إحدى أهم تطبيقات الكيمياء في حياتنا اليومية، والتي نتعرض لها بصفة مستمرة هي مستحضرات التجميل.
مستحضرات التجميل ليست اختراعًا حديثًا، فالبشرية تستخدم العديد من المواد المختلفة لتغير من مظهرها، ولتبرز جمالها منذ أكثر من 10000 سنة أو أكثر. فالمرأة في مِصر القديمة كانت تستخدم (الكحل) وهو: مادة تحتوي على مسحوق (الجالينت -كبريتيد الرصاص) ؛لتغميق جفونها. وقيل أن الملكة (كليوباترا) كانت تغتسل في الحليب؛ لكي تُبيض وتُنَعم بشرتها. وفي عام 3000 قبل الميلاد، الرجال والنساء في الصين كانوا يصبغون أظافرهم بألوان تتناسب مع طبقتهم الإجتماعية.. أما النساء اليونانيات حينها كنّ يستخدمن (كربونات الرصاص السامة)؛ لتحظى ببشرة شاحبة.وفي المجتمعات الإفريقية التقليدية يتم تحويل الطين إلى معجون يستخدموه في مستحضرات التجميل، أما سكان أستراليا الأصليين الذين كانوا يستخدمون الصخور والمعادن المُفَتتة؛ لطلاء الجسم للإحتفالات.
اليوم، مستحضرات التجميل أصبحت عمل تجاري كبير جدًا وفقًا للاستطلاع الذي يُجرى كل خمس سنوات عن نفقات الأسرة لعام 2011 من قِبل مكتب الإحصاءات الأسترالي، فإن أستراليا تنفق نحو 4.5 مليار دولار على لوازم الاستحمام ومستحضرات التجميل كل عام.
حسنًا. الآن تعرفنا على تاريخ مستحضرات التجميل وكيف أنها مادة تستخدم من قديم الأزل في أمور عدة. إلى أن وصلت مستحضرات التجميل الآن لمدى استخدام واسع حيث لم يقتصر استخدامها في تحسين المظهر، وإعطاء شكل جذاب، بل تُستخدم أيضًا في التنكر، وفي الأعمال السينمائية كإحداث جروح وهمية وخلافه مما نرى هذه الأيام. ولكن تبقى التساؤلات كثيرة حول هذه المادة السحرية، فالسؤال الأهم هنا مما تتكون مستحضرات التجميل؟
يوجد آلاف المنتجات من مستحضرات التجميل في الأسواق، وكلها تحتوي على مجموعات مختلفة من المكونات. ففي الولايات المتحدة فقط هناك ما يقرب 12500 مُكون كيميائي مميز ليستخدم في تصنيع منتجات العناية هذه. المنتج النموذجي يحتوي على 15-20 مُكون. باعتبار أن متوسط استخدام المرأة اليومي لمنتجات العناية الشخصية حوالي 9-15 منتج. قدَّر الباحثون أن المرأة تضع حوالي 515 مادة كيميائية على جلدها في كل يوم باستخدامها لمستحضرات التجميل، وذلك بوضع العطور في الاعتبار.
ولكن، ما الذي نضعه على جلدنا بالضبط؟ ما هو مدى فعالية كل مكون أساسي ومما يتركب؟ وما الصيغة الكيميائية له؟ تشترك معظم مستحضرات التجميل في خليط من المكونات الأساسية: (الماء، المُستحلب، المواد الحافظة، المثخنات، المُلطّفات، الألوان، العطر، ومثبتات الحموضة).سنتعرف على كل مكون من هذه المكونات، وخصائصها، وفعالياتها كلِ على حدى، وأيضًا سنتعرف على جميع أدق المكونات لمستحضرات التجميل، وفعاليتها. ولكن في الجزء الثاني من المقال. الآن دعونا على أكثر التساؤلات تكرارًا حول هذا الموضوع. هل مستحضرات التجميل لها أي آثار جانبية؟ أو هل تسبب أي ضرر لمستخدميها؟
انتشرت منذ أكثر من عقد من الزمان في جميع وسائل الإعلام مقالات حول المواد السامة الموجودة في مستحضرات التجميل ( الرصاص، الزئبق، والبارابين)، والمخاطر التي تُشكلها على الجمهور. حسنًا هل ينبغي للمستهلك أن يقلق؟ لابد من التأكد من صحة هذه الادعاءات ومدى أبعادها. لنلقي نظرة …
فلنبدأ بأكثر المواد تعرضًا لأصابع الإتهام. البارابين، هي فئة من المواد الكيميائية التي يشيع استخدامها كمادة حافظة في المواد الغذائية، والعلاجية ،ومستحضرات التجميل. استخدام البارابين في مستحضرات التجميل ضرب وسائل الإعلام في عام 2004 بعد دراسة بحثية أجراها الدكتور (فيليبا داربر) من جامعة (ريدنج) البريطانية ذكرت فيها النتائج أن 18 من أصل 20 عينة أنسجة أورام سرطانية للثدي تحتوي على بارابين. ولكن هل هذا الكلام صحيح؟ وهل هناك مواد أخرى موضع اتهام؟ اختلفت الأقاويل والأبحاث حول هذه النقطة وسنتحدث فيها بالتفصيل في الجزء الثالث من المقال.
تحدثنا في الجزء الأول من الموضوع عن كيمياء مستحضرات التجميل بصفة عامة، وعن تاريخها، وبعض النقاط الهامة في هذا الموضوع. والآن، فلنلقي الضوء على إحدى الجزئيات الهامة في موضوعنا؛ ألا وهي مكونات مستحضرات التجميل ومدى تأثيرها علينا. عرفنا أن المكونات الأساسية في معظم مستحضرات التجميل هي الماء، المستحلبات، المواد الحافظة، المثخنات، المُلَطِّفات، اللون، العطر، ومثبتات درجة الحموضة.
والآن، فلنبدأ بأول مُكون وهو الماء:
إذا كان المنتج الخاص بك في زجاجة، فإن العنصر الأول في قائمة المكونات هو المياه. يشكل الماء أساس كل نوع من أنواع منتجات التجميل تقريبًا، بما في ذلك الكريمات وغسول الجسم، الماكياج ومزيلات العرق، الشامبو والبلسم. يلعب الماء دورًا هامًا في هذه العمليات، حيث يعمل كمذيب لباقي المُكونات وفي تكوين المستحلبات لتجانس المُكونات. الماء المستخدم في مستحضرات التجميل ليس الماء اليومي الذي تستخدمه أنت -ماء الصنبور العادي-، بل هو ماء فائق النقاء، وخالي من السموم والجراثيم والبكتيريا أو أي ملوثات أخرى، لهذا السبب فإن الملصق الموجود على الزجاجة سيكون مكتوب عليه مياه مُقطرة أو مياه مُنقاة.
المُكون الثاني وهو المُستحلب:
كلمة مستحلب تعني أي مُكون يستخدم لتجانس أي مكونين لا يختلطان معًا كالزيت والماء، فيتم إضافة المستحلب لتقليل التوتر السطحي بين الزيت والماء مكونة خليط متجانس. المستحلبات هي جزيئات أحد أطرافها محب للماء والطرف الآخر محب للزيت (كاره للماء). حيث تجعل من الممكن للماء والزيت أن ينتشران في بعضهما البعض، مكونان مستحلب ثابت وأمثلة على المستحلبات التي تستخدم في مستحضرات التجميل هي «البوليسوربات –polysorbates»، و«laureth-4»، و«كبريتات البوتاسيون سيتيل –potassium cetyl sulfate»، وتستخدم المستحلبات في الكريمات وغسول الجسم لكي تعطيهم طبيعة ملساء.
المُكون الثالث هو المواد الحافظة:
المواد الحافظة من المكونات الهامة، فهي تطيل من مدة صلاحية المنتج، وتمنع نمو الكائنات الدقيقة التي تفسد المنتج وتضر المستخدم. ولأن معظم البيكتريا تعيش في الماء، فإن المواد الحافظة يجب أن تكون قابلة للذوبان في الماء. المواد الحافظة إما طبيعية أو صناعية، ويختلف أداؤها على حسب صياغة المنتج. هناك بعض المنتجات تتطلب مواد حافظة بمستويات منخفضة حوالي 0.01%، في حين أن هناك منتجات أخرى تتطلب مواد حافظة بمستويات عالية تصل إلى 5%. من أشهر المواد الحافظة هي البارابين، الكحول البنزيلي، حامض السالسيليك والفورمالديهايد. وعلى المستهلكين الذين يشترون مواد حافظة منفردة أن يكونوا حذرين من مدة صلاحيتها وينتبهوا لأي تغير يحدث في الشكل أو اللون أو الرائحة الذي يمكن أن يشير إلى فساد المنتج.
المُكون الرابع هو المُثخن:
عوامل التثخين هذه تستخدم لتعطي المنتج تماسك جذاب، هذه المثخنات تأتي من أربعة عائلات كيميائية:
العائلة الأولى: هي المثخنات الدهنية، وعادة ما تكون صلبة في درجة حرارة الغرفة، ولكن يتم إسالتها وإضافتها إلى المستحلبات التجميلية. وهي تعمل عن طريق نقل سُمكها للمادة المراد تثخينها. ومن أمثلتها، سيتيل الكحول-cetyl alcohol، وحامض الإستاريك-stearic acid، وشمع الكرنوبا-carnauba wax.
العائلة الثانية: هي المثخنات الطبيعية والتي تأتي من الطبيعة طبقًا لاسمها، وهي عبارة عن بوليمرات تمتص الماء فتتضخم وتزيد من لزوجة المنتج، ومن أمثلتها الجيلاتين. المنتجات التي يزيد تماسكها بصورة غير مرغوب فيها يمكن تخفيفها بالماء أو الكحول.
العائلة الثالثة: هي المثخنات المعدنية وهي أيضًا طبيعية كالعائلة الثانية، فهي تمتص الماء والزيت لكي تزيد من اللزوجة، ولكن تعطي نتيجة مختلفة للمستحلب النهائي.
العائلة الأخيرة: هي المثخنات الصناعية والتي تُستخدم عادة في غسول الجسم والمنتجات الكريمية. ومن أشهر المثخنات الصناعية هو الكربومير، وهو بوليمر من حمض الإكريليك ويذوب في الماء، ويمكن استخدامه في تشكيل الجل الصافي.
المكون الخامس هو المُرطب:
المرطبات تُلطف الجلد عن طريق منع فقد الماء. المرطبات تستخدم بكثرة في صنع أحمر الشفاة، وغسول الجسم، ومستحضرات التجميل. وهناك عدد مختلف من المواد الكيميائية الطبيعية والاصطناعية التي تعمل كمرطبات، مثل شمع العسل وزيت الزيتون وزيت جوز الهند واللانولين، بالإضافة إلى الفازلين والزيوت المعدنية والجلسرين.
المُكون السادس هي عوامل التلوين:
قبل أن تبدئي في وضع الماكياج، تسألي نفسك أي الألوان أريد؟ هل العيون الداكنة أم الشفاة الحمراء؟ أم كلاهما معًا؟. هناك أعداد مختلفة من الألوان متوفرة لإنجاز هذه المهمة. إن الألوان المستخدمة في مستحضرات التجميل تًصنع من الصبغات والمواد الملونة من عدد مختلف من المركبات الكيميائية. وهناك نوعين من الصبغات الملونة، صبغات عضوية وصبغات غير عضوية. بالنسبة للصبغات غير العضوية فتأتي من الفلزات الإنتقالية الموجودة في الأرض، والألوان المُكتسبة من هذه الصباغ نتيجة لأن إلكترونات التكافؤ لهذه الفلزات تمتص الضوء المرئي فتثار إلى مستوى طاقة أعلى. ومن أهم الملونات غير العضوية هو أكسيد الحديد الذي يعطي لونًا أحمر، بني، أسود، أو أصفر، أكسيد الكروم الذي يعطي لونًا أخضر، ثاني أكسيد التيتانيوم وأكسيد الزنك الذي يعطي اللون الأبيض. أما الصبغات العضوية فتتكون من جزيئات عضوية لديها مجموعات تحمل اللون مثل روابطN=N ، C=O أو C=S. مستويات ذوبانيتها تختلف باختلاف المذيبات. من أكثر الملونات العضوية شيوعًا هي صبغات الـ AZOالتي تعطي اللون الأحمر والأصفر. وغيرها من الملونات العضوية، بالمقارنة بالصبغات غير العضوية؛ فإن الصبغات العضوية أكثر بريقًا ولكنها أكثر ضررًا.
من إحدى مكونات مستحضرات التجميل هي اللمعة الموجودة في المنتج. عوامل توفير البريق واللمعان في هذه المنتجات يمكن أن تنشأ عن طريق مجموعة من المواد، أكثرها شيوعًا هي الميكا والبزموت.
وأخيرًا العطر:
من المعروف أن المستهلك ينجذب لرائحة المنتج قبل أن ينتبه لتأثيره، فرائحة المنتج هي مؤشر فعال للمُستهلك لكي يحدد إذا كان سيشتريه أم لا. هناك مواد كيميائية طبيعية ومصطنعة يتم إضافتها للمادة التجميلية لتضيف عليها عطرًا جذابًا. هناك أكثر من 3000 مادة كيميائية تستخدم لصناعة مجموعة كبيرة من العطور المستخدمة في المنتجات الإستهلاكية في جميع أنحاء العالم. وقد تم نشر قائمة شاملة لجميع المكونات المستخدمة وقد مرت على معايير السلامة الدولية للعطور لاستخدامها في المنتجات التجارية.
والآن سنحدد بعض المكونات المستخدمة في بعض مستحضرات التجميل بشكل خاص ودور كل مكون:
الأجار، والمعروف أيضًا بالطحالب، الكاراجينان، أو الأميناريا، وهو يحتوي على البروتين والعديد من الفيتامينات ويضاف عادة إلى المرطبات كمطريات أو مضادات أكسدة. ومن ضمن المكونات التي لها نفس الوظيفة هو الـ «آلانتوين –Allantoin» والذي يستخدم أيضًا في الكريمات وغسول الجسم.
ومن أهم المُكونات في مزيلات العرق هو هيدروكلورات الألمونيوم، الذي يعتبر ملح يتفاعل مع إنزيمات العرق تشكل سد مؤقت يبقى في مسام العرق فيمنع انطلاق المزيد من العرق. وأما باقي المكونات فهي أمثلة للمكونات الرئيسية التي ذكرناها بالأعلى.
في الجزء الثالث بإذن الله سنذكر حقيقة مخاطر مستحضرات التجميل.
والآن، فلنتوجه إلى أهم الأسئلة في هذا الموضوع، هل مستحضرات التجميل تُشكل خطرًا على صحة الإنسان؟ قبل أن نٌكمل حديثنا عن حقيقة مخاطر (البارابين) وكل المعلومات حوله، سنتحدث عن حقيقة المخاطر بشكلٍ عام، ثم نتطرق إلى مواضع الاتهام بعينها.
تحتوي مستحضرات التجميل على منتجات كثيرة جدًا، بعض هذه المنتجات يمكن أن يُسبِّب مشاكل صحية لبعض الناس، كتهيج الجلد أو حساسية العين، ولكن هذه المخاطر قصيرة المدى وتزول بمجرد وقف استخدام المنتج. ولكن هل مستحضرات التجميل أو مُكوناتها تسبب مشاكل أكثر خطورةً أو طويلة المدى؟ هذا الأمر ليس واضحًا. وهذا لأن العديد من المنتجات لم يتم اختبارها بدقة. حتى عندما تم اختبار بعض المكونات لم تكن النتائج بسيطة وواضحة. على سبيل المثال، قد وُجِد أن بعض المكونات سامة جدًا في حد ذاتها، ولكن الكميات المستخدمة منها في مستحضرات التجميل أقل بكثير من أن تسبب ضررًا. بالإضافة إلى أن الطريقة التي يُستخدم بها المنتج يمكن أن تختلف عن الطريقة التي يُستخدم بها في الاختبارات. أيضًا، غالبًا ما يكون هناك معلومات قليلة حول كيفية امتصاص الجسم للمكونات عندما توضع عليه أثناء الاستخدام الفعلي للمنتج. لهذه الأسباب، فإن المكون يمكن ألا يسبب نفس المشاكل في الاستخدام الفعلي في مستحضرات التجميل.
ولأن دراسات الإنسان حول الأثار طويلة المدى لمعظم مستحضرات التجميل ليست موجودة، هناك القليل من الأدلة تشير إلى أن استخدام مستحضرات التجميل، أو التعرض إلى مكوناتها أثناء الاستخدام العادي لهذه المستحضرات، يزيد من مخاطر الإصابة بالسرطان. ومع ذلك، لأنه لا توجد دراسات على المدى الطويل، فإنه لا يُعرف إلا القليل عن الآثار الناجمة عن التعرض الطويل لكثيرٍ من المكونات في مستحضرات التجميل. ولكن هذا لا يعني أننا ندِّعي أن هذه المنتجات لن تسبب مشاكل صحية لبعض الناس.
والآن، سنتوجه إلى بعض العناصر التي تعرضت للاتهام ومدى خطورتها في وسائل الإعلام. فلنكمل حديثنا حول البارابين الذي بدأنا الحديث عنه في الجزء الأول من الموضوع.
لأن البارابين يمكن أن يُقلِّد عمل هرمون الإستروجين بشكلٍ ضعيف، ولأن هرمون الإستروجين يمكن أن يُعزز من نمو الورم، فكانت هذه هي المشكلة. وقد أخذت وسائل الإعلام وجود البارابين في سرطان الثدي دليلًا على أن البارابين يساهم في الإصابة بسرطان الثدي. ولكن كان هذا غير صحيح. في حين أن وجود البارابين ملحوظ في سرطان الثدي، ولكن لم تجد الدراسة دليلًا مباشرًا على أنه يسبب السرطان أو يساهم في نمو الورم. أورام الثدي لديها مدد كبير من الدم، ولذلك فمن الأرجح أن أي مادة كيميائية موجودة في مجرى الدم ستكون موجودة في الورم كذلك. وفي بيانٍ لاحق إلى وسائل الإعلام، قالت الدكتورة داربر مشيرةً إلى دراستها في عام 2004: «لم تعلن أي جهة على أن وجود البارابين يسبب سرطان الثدي».
حاليًا، في أستراليا وفي باقي العالم، اعتبر المجتمع العلمي أن استخدام البارابين في مستحضرات التجميل آمن. واستجابةً لطلب المستهلك، فقد بدأت بعض الشركات في تصنيع مواد تجميلية خالية من المواد الحافظة (البارابين) حيث يمكنهم شراؤها.
سننتقل الآن إلى الألمونيوم الذي ارتبط استخدامه أيضًا في مزيلات العرق بمخاوف الإصابة بالسرطان. في أوائل عام 2000 ذكرت وكالات الأنباء المختلفة أن هناك صلة بين سرطان الثدي ومزيلات العرق التي تحتوي على الألمونيوم، كما أوضحت الدراسات أيضًا مدى اتصاله بالإصابة بمرض الزهايمر. ولكن رغم تعدد هذه الدراسات إلا أنه لا يوجد أي دليل علمي واضح على صحتها.
الألمونيوم يعمل على سد مسام العرق لمنع التعرق، وقد قيل أن هذا يمنع انطلاق السموم من أجسادنا، مما يمكنها من البقاء في الغدد الليمفاوية (غدد تقع على جانبي العنق وتحت الإبط، كما توجد في الرأس وفي الرقبة) لدينا. ومع ذلك، فإن أورام الثدي لا تنشأ في الغدد اليمفاوية، إنها تبدأ من الثدي ثم تنتقل إلى الغدد اليمفاوية. لا يوجد اتصالٌ واضح بين الألمونيوم والإصابة بسرطان الثدي. كما أنه لا يوجد علاقة بين مرض ألزهايمر واستخدام مزيلات العرق. فنحن نتعرض للألمونيوم كل يوم باستخدامنا أواني الطهي والمقالي والدواء وحتى الماء والهواء. وبالرغم من هذه النتائج، إلا أن المُصنعون بدأوا في تصنيع منتجات خالية من الألمونيوم للمستهلكين الذين يراودهم الشك.
والآن سننتقل لإحدى المنتجات التي تُستخدم بكثرة وقد تعرضت أيضًا للشك. وهي كريمات الوقاية من الشمس، قد لا تُعتبر كريمات الحماية من الشمس من مستحضرات التجميل ولكنها تؤخذ كعلاج، حيث أن استخدمها يقي الجلد من أشعة الشمس الضارة التي قد تصيبه بالسرطان.
في السنوات الأخيرة، وُجِد بعض القلق حول الجسيمات النانوية الموجودة في كريمات الوقاية من الشمس. وهذا يرتبط بوجود أكسيد الزنك وثاني أكسيد التيتانيوم النانوية وقدرتها على اختراق الجلد لتصل إلى الخلايا، وأيضًا السُمّية المحتملة من وجود هذه المواد الكيميائية. كان موقف إدارة السلع الإنتاجية «TGA» استنادًا إلى العديد من الأبحاث المنشورة حتى مايو 2013، وكذلك استعراضات السلطات الدولية، أن النانو جزيئات آمنة، فقد أظهرت الاختبارات المُجراة على كلٍّ من الحيوان والجلد البشري أن هذه المصادر النانوية لا تخترق الطبقة السفلية من الجلد، مع تغلغلٍ يقتصر على الطبقة القرنية مما يجعل الامتصاص الجهازي غير محتمل.
واستنادًا إلى الأدلة الحالية، لا ثاني أكسيد التيتانيوم ولا أكسيد الزنك يسبب ضررًا عند استخدامهم كمكوناتٍ في واقيات الشمس. بل هناك العديد من المخاطر التي تنبع من تجنب استخدام كريمات الوقاية من الشمس كحروق الشمس وسرطان الجلد.
وقد تعرضت مواد أخرى كثيرة للاتهام، في حين أن التفكير العلمي الحالي أن العديد من هذه المواد الكيميائية آمنة للإستخدام. والأمر متروك للمستهلك، ولكن ينبغي على المستهلكين شراء الماركات ذات السمعة الطيبة ولا يلجؤوا إلى المنتجات الرخيصة أو المعروضة على الإنترنت لأنها قد لا تخضع للاختبار والتقييم السليم.
* ضحى العطاس
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق